سورة المؤمنون - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ} بالكسر: نافع وحمزة وعلي وحفص، وغيرهم بالضم {وَكُنتُمْ تُرَاباً وعظاما أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} مبعوثون للسؤال والحساب والثواب والعقاب وثنى {أنكم} للتأكيد، وحسن ذلك للفصل بين الأول والثاني بالظرف و{مخرجون} خبر عن الأول والتقدير: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً.
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} وبكسر التاء: يزيد، ورُوي عنه بالكسر والتنويم فيهما، والكسائي يقف بالهاء وغيره بالتاء وهو اسم للفعل واقع موقع بعد فاعلها مضمر أي بعد التصديق أو الوقوع {لِمَا تُوعَدُونَ} من العذاب، أو فاعلها {ما توعدون} واللام زائدة أي بعد ما توعدون من البعث {إِنْ هِىَ} هذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه من بيانه وأصله إن الحياة {إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا} ثم وضع {هي} موضع الحياة لأن الخبر يدل عليها ويبينها، والمعنى لا حياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها ودنت منا، وهذا لأن (إن) النافية دخلت على (هي) التي في معنى الحياة الدالة على الجنس فنفتها فوازنت (لا) التي لنفي الجنس {نَمُوتُ وَنَحْيَا} أي يموت بعض ويولد بعض، ينقرض قرن فيأتي قرن آخر، أو فيه تقديم وتأخير أي نحيا ونموت وهو قراءة أبي وابن مسعود رضي الله عنهما {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} بعد الموت {إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً} أي ما هو إلا مفتر على الله فيما يدعيه من استنبائه وفيما يعدنا من البعث {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} بمصدقين.
{قَالَ رَبّ انصرنى بِمَا كَذَّبُونِ} فأجاب الله دعاء الرسول بقوله {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ} {قليل} صفة للزمان كقديم وحديث في قولك(ما رأيته قديماً ولا حديثاً) وفي معناه عن قريب و(ما) زائدة أو بمعنى شيء أو زمن وقليل بدل منها وجواب القسم المحذوف {لَّيُصْبِحُنَّ نادمين} إذا عاينوا ما يحل بهم.


{فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة} أي صيحة جبريل صاح عليهم فدمرهم {بالحق} بالعدل من الله يقال فلان يقضي بالحق أي بالعدل {فجعلناهم غُثَاء} شبههم في دمارهم بالغثاء وهو حميل السيل مما يلي واسودّ من الورق والعيدان {فَبُعْداً} فهلاكاً يقال بعد بعداً أو بعداً أي هلك وهو من المصادر المنصوبة بأفعال لا يستعمل إظهارها {لّلْقَوْمِ الظالمين} بيان لمن دعي عليه بالبعد نحو {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] {ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءاخَرِينَ} قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ} (من) صلة أي ما تسبق أمة {أَجَلُهَا} المكتوب لها والوقت الذي حدد لهلاكها وكتب {وَمَا يَسْتَئَخِرُونَ} لا يتأخرون عنه.
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا} فعلى والألف للتأنيث كسكرى لأن الرسل جماعة ولذا لا ينون لأنه غير منصرف {تترى} بالتنوين: مكي وأبو عمرو ويزيد على أن الألف للإلحاق كأرطى، وهو نصب على الحال في القراءتين أي متتابعين واحداً بعد واحد، وتاؤها فيهما بدل من الواو والأصل (وترى) من الوتر وهو الفرد فقلبت الواو تاء كتراث {كُلَّمَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} الرسول يلابس المرسل والمرسل إليه والإضافة تكون بالملابسة فتصح إضافته إليهما {فَأَتْبَعْنَا} الأمم والقرون {بَعْضُهُم بَعْضاً} في الهلاك {وجعلناهم أَحَادِيثَ} أخباراً يسمع بها ويتعجب منها، والأحاديث تكون اسم جمع للحديث ومنه أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وتكون جمعاً للأحدوثة وهي ما يتحدث به الناس تلهياً وتعجباً وهو المراد هنا {فَبُعْداً لّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هارون} بدل من {أخاه} {بأياتنا} التسع {وسلطان مُّبِينٍ} وحجة ظاهرة.


{إلى فِرْعَوْنَ وَمَلاَئِه فاستكبروا} امتنعوا عن قبول الإيمان ترفعاً وتكبراً {وَكَانُواْ قَوْماً عالين} متكبرين مترفعين {فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} البشر يكون واحداً وجمعاً ومثل وغير يوصف بهما الاثنان والجمع والمذكر والمؤنث {وَقَوْمُهُمَا} أي بنو إسرائيل {لَنَا عابدون} خاضعون مطيعون وكل من دان لملك فهو عابد له عند العرب {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ المهلكين} بالغرق.
{وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى} أي قوم موسى {الكتاب} التوراة {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} يعملون بشرائعها ومواعظها {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءايَةً} تدل على قدرتنا على ما نشاء لأنه خلق من غير نطفة واحدة، لأن الأعجوبة فيهما واحدة، أو المراد وجعلنا ابن مريم آية وأمه آية فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها {وءاويناهما} جعلنا مأواهما أي منزلهما {إلى رَبْوَةٍ} شامي وعاصم. {رُبوة} غيرهما أي أرض مرتفعة وهي بيت المقدس أو دمشق أو الرملة أو مصر {ذَاتِ قَرَارٍ} مستقر من أرض مستوية منبسطة أو ذات ثمار وماء يعني أنه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها {وَمَعِينٍ} وماء ظاهر جارٍ على وجه الأرض وهو مفعول أي مدرك بالعين بظهوره من عانه إذا أدركه بعينه، أو فعيل لأنه نفاع بظهوره وجريه من الماعون وهي المنفعة {ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات} هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما لأنهم أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة، وإنما المعنى الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك ووصى به ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل ووصوا به حقيق أن يؤخذ به ويعمل عليه، أو هو خطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام لفضله وقيامه مقام الكل في زمانه وكان يأكل من الغنائم، أو لعيسى عليه السلام لاتصال الآية بذكره وكان يأكل من غزل أمه وهو أطيب الطيبات، والمراد بالطيبات ما حل والأمر للتكليف أو ما يستطاب ويستلذ والأمر للترفيه والإباحة {واعملوا صالحا} موافقاً للشريعة {إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} فأجازيكم على أعمالكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8